السبت، 3 أكتوبر 2015

 


حل أزمة المهاجرين يكمن في إنهاء الحروب والأزمات وليس بفرض إجراءات سطحية
الكومبس – مقالات الرأي: لن تنحل أزمة تدفق المهاجرين غير المسبوقة التي تشهدها أوربا الآن، بإجتماع طارىء لحكومات دول الإتحاد الأوربي، أو بتشديد الرقابة على الحدود، أو بزيادة المساعدات الإقتصادية والتعاون مع دول الجوار السوري.
قد تكون كل هذه الإجراءات سبباً يحد بشكل مؤقت من الهجرة الجنونية التي نراها في وقتنا الراهن، والتي لم ير العالم مثيلاً لها منذ الحرب العالمية الثانية، لكنها لن تحل الأزمة من جذورها، بل على الأرجح ستزيدها تفاقماً.
ليس خافياً على أحد أن الحل الأكيد لأزمة اللاجئين والتي أصبحت حديث العالم خلال الفترة القليلة الماضية، يكمن في حل الصراعات والأوضاع المتشابكة التي تعيشها بلدان الشعوب المهاجرة، فما يُشعل فتيل الأزمة ويدفعها نحو الزيادة، هو الظروف غير الإنسانية التي تعيشها شعوب تلك الدول والتي تدفع بالكثير من الناس الى عبور مياه البحر المتوسط مع عوائلهم وأطفالهم رغم معرفتهم بما قد ينتظرهم من مصير قاتم.
إستمرار أزمات تلك الشعوب، يعني إستمرار نزيف الهجرة الى أوربا، وهذا يعني المزيد من التشديدات الصارمة على الحدود الأوربية وبالتالي المزيد من الذين يلقون حتفهم غرقاً في مياه البحر المتوسط. وهي أمور باتت واضحة من تجارب السنين الماضية.
ليس هناك أصعب من أن يترك الإنسان بلده الذي نشأ وتربى ومد جذوره فيه، أن ذلك أشبه بترك الإنسان لبيته وإرغامه على السكن في مكان آخر، لا علاقة له بما ترعرع عليه رغم ما فيه من إمتيازات، وخاصة للبسطاء من الناس المكتفين بكفاف يومهم ولا تغريهم مباهج الحياة الكثيرة، والدليل على ذلك أن شعوب البلدان التي تزحف نحو أوربا الآن، لم تجبرها ظروفها الإقتصادية والإجتماعية الصعبة التي عانت منها في السابق على ترك بلدانها، وأصبحت تهاجر الآن لان سحب الحروب والموت والقتل المجاني لم تمر وتكاد جاثمة على صدور الناس.
أنها الغريزة في الدفاع عن الحياة حتى آخر نفس. وما يتأتى جراء ذلك من عواقب ليس بالأمر الهام جداً، طالما حياة المرء مهددة بالموت، حينها تصبح النهاية واحدة، بفارق أن الفرار الى أوربا قد يحمل فرصاً للنجاة وأن كانت ضئيلة وغير مضمونة. والحديث هنا يدور بالتأكيد عن المنكوبين الحقيقيين الذين يعيشون آتون الصراعات والمعارك وليس القادمين من بلدان الترف والمال.
إن إجتماع دول أوربا وقرار إستقبالهم سوية 120 ألف لاجىء، وهو عدد لا يعادل نقطة في بحر المهاجرين، لن يكون حلاً للأزمة ولن يحل القضية، بل سيعمل على تشجيع المزيد للمجىء إلى أوربا، أملاً في الحصول على جزء من الإمتيازات والحلول الوقتية التي تخرج به إجتماعات دول أوربا الطارئة بخصوص المهاجرين.
زيادة دعم أوربا الإقتصادي للدول المحتضنة للاجئين ليس الحل أيضاً، فالفارين الى تلك الدول، هاربين من شبح الموت الذي يلاحقهم حتى في مخيمات اللاجئين في دول الجوار المضيفة.
أعتقد أن الحل الجذري هو في تسوية الخلافات والصراعات الدائرة في بلدان تلك المنطقة التي تدهورت أوضاعها بشكل سريع وخطير وغير مسبوق حتى أصبحت لا تورد غير الحروب والقتل والدمار والمهاجرين، الحل في جلوس دول أوربا وأمريكا وإيران ودول الخليج الى طاولة الحديث الصريح والمباشر ووضع النقاط على الحروف في ما الذي يريدونه من شعوب تلك الدول المنكوبة وترك حرية القرار لهم في إختيار حكومات مستقلة لا تعمل كظل لحكومات وأجندات إقليمية ودولية، ولا هدف لها غير مصالح شعبها ومساعدتها في النهوض من كبوتها التي طال زمانها، حينها فقط يمكن القول إن العالم بدأ بحل أزمة المهاجرين، وحينها فقط تتنفس أوربا الصعداء.
 
لينا سياوش

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق