رام الله - خاص دنيا الوطن-أمنية أبوالخير
تروج إسرائيل إلى أنها تعرضت لهجوم سبع دول عربية كانت ترغب بالقضاء على الحلم الإسرائيلي وعلى اليهود عموماً؛ ولكن في حقيقة الأمر، ووفق المعطيات التاريخية، فإن المنظمات الصهيونية قبل عام 1948 وقبل قرار التقسيم، سارت وفق مجموعة من الخطط السياسية والعسكرية لطرد الفلسطينيين من أراضيهم .
ومن الثابت أن مجموع القوات الإسرائيلية المدربة والمجهزة بالعتاد الحديث قبل وبعد الجولة الأولى من الحرب، قد زاد عن 70200 عسكري، ومع اشتداد المعارك بعد الأسبوع الأول من الحرب وصل عدد الجيش الإسرائيلي المشارك فعلياً بالحرب ما يقارب 100000 عسكري، أما الجيوش العربية مجتمعة، فلم تحشد للحرب أكثرمن 22000 عسكري، ينقص الكثير منهم العتاد والتدريب.
بالنسبة للدور الفلسطيني في حرب أكتوبر، التقت " دنيا الوطن " باللواء مازن عز الدين عضو المجلس الاستشاري في حركة فتح، وشاهد على أحداث أكتوبر، موضحاً أن حرب أكتوبر جرى التمهيد لها في اجتماع تاريخي في الدورة الثالثة عشر لمجلس الدفاع العربي في القاهرة باشتراك وزراء الدفاع مشيرا إلى أن فلسطين قد شاركت في هذا الاجتماع.
وفي ذات السياق قال عز الدين أن أهم ما جاء في هذا الاجتماع التاريخي أن هناك خطة لشن حرب على إسرائيل، وأن العمليات الهجومية التي سيشننها الجيش العربي السوري والمصري والمقاومة الفلسطينية لافتاً إلى أنه يجب أن تهدف إلى إرغام العدو على القتال في كل الجهات في يوم واحد لحرمانه من استراتيجية الاستفراد.
وأضاف لـ "دنيا الوطن": " وأيضا تم الاتفاق على استخدام القوات السورية والأردنية لتهديد قلب العدو بقوات خاصة وقوات جوية وتشتيت العدو عن طريق العمل من كل الجبهات في وقت واحد، وقطع الطرق البحرية، واستخدام الفدائيين الفلسطينيين في الداخل الإسرائيلي".
وأشار اللواء عز الدين إلى أن أهم ما تم الاتفاق عليه أن على القوات الفلسطينية امتصاص الضربات الجوية الإسرائيلية وهذا تمثل بالإغارة على المقرات والمخيمات الفلسطينية طيلت الفترة ما قبل حرب أكتوبر بعدة أشهر وأيضا لعبت الثورة الفلسطينية في هذه العملية في فتح المعركة على مصرعيها بين الموساد الإسرائيلي والقوات الفلسطينية في الساحة الأوروبية.
وأكمل عز الدين خلال حديثة مع مراسلة دنيا الوطن " أهم ما نفذ في هذا الاتجاه عملية ميونخ وعملية ضد التيارين الإسرائيليين نفذها رئيس المخابرات الفلسطينية الشهيد أمين الهندي ومعه خمسة من أشقائه من بينهم الشهيد عاطف بسيسو، حيث تمت هذه العملية بتوصية من الرئيس السادات والشهيد القائد أبو إياد على أن يتم رصد الطيارين الإسرائيليين إلى أوروبا والعمل على إسقاطهم".
أما عن المخاطر فكانت عندما علم الجيش الإسرائيلي بالمخططات العربية وقد أبلغ رؤساء الموساد الإسرائيلي بذلك مما دفعهم لأخذ الحيطة والحذر والاستعداد لأي هجمات عربية.
وإكمالاً لتسلسل الأحداث في حرب أكتوبر قال اللواء مازن عز الدين أنه تم استدعاء القيادة الفلسطينية من قِبل الرئيس المصري السادات الرئيس السوري الأسد وإبلاغهم بضرورة وقف الاشتباكات التي كانت تدور على الساحة اللبنانية بين الفصائل وعملاء إسرائيليين هناك، لأن هناك حدث قومي كبير سيتم خلال الفترة القادمة وتم تزويد المقاومة الفلسطينية بأسلحة متطورة ومدفعيات بعيدة المدى وراجمات صواريخ ودبابات.
وأشار إلى أن تسليح المقاومة الفلسطينية قد أعطى انطباع للجانب الإسرائيلي أن العرب لن يخوضو حروب معها، وأن الموضوع سيبقى اقتتالا في الأراضي الفلسطينية وضد القيادات الفلسطينية، وبهذا وقعت إسرائيل في الشرك في تضليل استراتيجي كبير على حد قوله.
ونوه هنا إلى أن منتظمة التحرير الفلسطينية والرئيس أبو عمار واللجنة المركزية لحركة فتح قد أبلغوا بموعد الحرب ولكن لم يبلغوا بلحظة الصفر وهذا كان له دور استراتيجي في استعدادات الجيوش العربية في كل من مصر وسوريا لتحديد اللحظة التي ينطلق فيها الهجوم.
وأضاف " كان هناك مشاركة فعلية قوية قامت فيها الثورة الفلسطينية أولا في امتصاص الضربات لتمكين الجيوش العربية من المناورات والتدريب واستعادة التسليح حيث تركزت الضربات في ذلك على الوقت على القيادات الفلسطينية في كل أماكن تواجدها".
أما عن الدور الفلسطيني الثاني وهو الأهم على حد قوله فكان في استخدام الفدائيين الفلسطينيين على نطاق واسع داخل إسرائيل وعلى ثلاثة جبهات حيث كان الدور الفلسطيني دور أساسي وليس شكلي ولا يقل عن دور الجيش المصري والجيش السوري ولكن حسب القدرة الفلسطينية المحدودة وقد اعترف العدو بجبهتنا وطلب وقف إطلاق النار.
ما بعد الحرب هناك الكثير من الأبطال الذين أخذو أوسمة شجاعة وكان منهم الكثير من الفلسطينيين ذكر لنا اللواء عز الدين على سبيل الذكر وليس الحصر فقد منح وسام الشجاعة من الدرجة الأولى للنقيب وليد قاسم محمد والملازم أول أحمد حسين والملازم أول إبراهيم يعقوب والملازم أول فايز فياض عبد الهادي والملازم أول حسن محمد يوسف والملازم أول مجيد الحوراني.
وختم قائلاً " لقد قمنا بتنفيذ كل ما طلب منا في المؤتمر التمهيدي قبل البدا بحرب أكتوبر وقد اعترف بذلك العدو الإسرائيلي عندما طلب وقف إطلاق النار".
واستخلص اللواء مازن عز الدين حديثه مع دنيا الوطن أربعة حقائق من حرب أكتوبر لا يمكن تجاوزها، الحقيقة الأولى أن هذه الحرب قد خلقت لدنيا قناعة أن الجيش العربي والفدائي الفلسطيني لديهم القدرة على الوقوف بوجه أي عدوان".
والحقيقة الثانية أن خلال فترة الحرب كان هناك تضامن عربي متعدد ومشاركة الجيش العراقي والمغربي الذي أنتقل من أماكن بعيدة جدا، وأن القومية العربية موجودة وإن كانت تعاني الأن من خلل ما.
أما الحقيقة الثالثة أنه لأول مرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي ، إسرائيل تفاجئ بالمقاتل العربي الذي يقاتل بشجاعة وفراسة ويوقع فيه خسائر فادحة .
ويختم بالحقيقة الرابعة أن المجتمع الدولي لا يجوز تجاوزه، فلقد كان له دور أساسي في القضايا العربية القومية وعلى رأسها القضية الفلسطينية.