سيناريوهات تقسيم سوريا إلى 3 دويلات “سنية” و”علوية” و”كورديّة”
قالت حكومة دولة الساحل إنها تخطط لإبعاد نحو مليون سني من أراضيهم على خلفية الأحداث الأمنية المتكررة على حدود الدولة في منطقة ريف حمص امتداداً إلى الحدود الشمالية مع دولة حلب.
وسقط أمس ما لا يقل عن 50 قتيلاً في سلسلة انفجارات استهدفت طرطوس وجبلة والشيخ بدر حيث حملت الحكومة خلايا تابعة لقوى سنية تدعمها دولة حلب المسؤولية عن التفجيرات.
تلك صيغة خبر مفترض على خلفية تصاعد احتمالات التقسيم إثر تسريبات وتصريحات لمسؤولين روس وأميركيين، وليس واضحاً شكل الدويلات التي يفترض أن تنتج عن هذا التقسيم، إذ تشير خرائط إلى خمس دويلات، الغربية “الساحل حتى دمشق”، والكوردية، والشمالية “إدلب وحلب”، والشرقية “الرقة ودير الزور والحسكة، والخامسة هي الجنوبية وتضم درعا والقنيطرة والسويداء.
خبراء تحدثوا عن ثلاث دويلات فقط كاحتمال أقرب، وهي سنية وعلوية وكوردية، بين هؤلاء المحلل غازي دحمان الذي اعتبر أن الدويلة “الكبرى والأساسية هي العلوية التي ستمتد من حلب إلى درعا، مكونها الديمغرافي سيكون قريب التوازن بين السنة والأقليات مع أرجحية بسيطة للأقليات بفضل عمليات التهجير المحتملة”.
أما الكوردية ـ حسب دحمان ـ “فتمتد على طول الشريط الحدودي مع تركيا مكونها الأكراد مع بعض ما يتبقى من العرب في المرحلة الاولى، وستكون هذه الدولة مغلقة على الداخل السوري ومفتوحة باتجاه كردستان العراق”، وبالنسبة للدولة السنية فستكون “في الرقة ودير الزور وامتداداً حتى الحدود الأردنية والعراقية”.
تقسيم الأرض وشكل الدويلات ومكوناتها الديموغرافية، باتت احتمالات تلامس الواقع الذي يحاول السوريون الهروب منه، فيما سنضع تصوراته الواقعية ليعرف السوري على أي أرض يقف اليوم.
العلويون يستعجلون دولتهم
الحديث عن التقسيم سببه الأول أن نظام الأسد رسم حدوداً من الدم، ودفع بفكرة الدولة العلوية كخلاص أخير إذا فشل في إعادة فرض سيطرته بالقوة، وزاد على ذلك دخول إيران و ميليشيا شيعية ما أعطى طابعاً مذهبياً، وأسس لفكرة التقسيم، كما أن العلويين باتوا يشعرون بأنه غير مرغوب فيهم في الوسط الاجتماعي السني الممثل لأغلبية السكان بعدما ارتكب النظام فظائع سجلت باسمهم.
رغم كل الرفض الإعلامي الدعائي الرسمي لفكرة التقسيم، فإن غالبية العلويين تعتبر قيام دولتها أمراً ملحّاً وضرورة يفرضها الرعب من المستقبل والمحاسبة خاصة وأن هناك عشرات آلاف المتورطين في قتل المدنيين.
يقول إعلامي علوي فضل عدم ذكر اسمه مكتفيا برمز (ع . أ) إن كثيرا من العلويين “يبحثون عن الضمانات، وعندما وجدوا أو صوّر لهم العكس أصبحوا ينتظرون التقسيم”.
الإعلامي الذي لازال يعمل في كنف النظام ويحاول التمايز عنه في تحليل ما يجري بدا جريئاً في الكشف عن أن العلويين راغبون بدولتهم الخاصة، لكنه يحاول دفع تهمة رغبتهم بدولة طائفية بالقول إن العلويين لا يريدون التقسيم “بصورة التصفية بمعنى أن تكون الدولة كلها من طائفة معينة”، حيث إنهم “ينتظرون الأمان بغض النظر عن من يشاركهم الدولة، فالكثيرون ينشدون المحافظة على ما يسمى بسوريا المفيدة بما تضمه أما رغبة الاستقلال والفوز بدولة على غرار الكورد وقوميات أخرى فالعلويون لا تسكنهم هذه الأحلام”.
لعل رغبة العلويين بالتقسيم تحت دفع الشعور بالرعب لم تأخذ بالاعتبار احتمالات المستقبل والمخاطر وخصائص الدولة العلوية ديموغرافياً وقابليتها للحياة، وربما ترغب روسيا بمثل هذا الحل بدوافع عدة منها خلق كيان يضمن وجودها الدائم ويحفظ مصالحها في المنطقة.
دولة علوية بلا علويين
سمحت أوساط النظام السوري في السنوات الأخيرة بتمرير معلومات إحصائية تقول إن نسبة العلويين في سوريا تتجاوز 13 %، بينما قدرت دراسات أميركية نسبتهم بنحو 10 %، فيما يشير مهتمون إلى أن العلويين لا تتجاوز نسبتهم 7 % بالقياس مع معدل النمو في مناطق تواجدهم وهو الأقل مقارنة بباقي المناطق حسب تصنيف المكتب المركزي للإحصاء التابع للحكومة السورية، ما يعني أن العلويين الذين كان عددهم نحو 325 ألف نسمة حسب إحصاء 1943 لن يتجاوز عددهم 1.3 مليوناً من أصل 21 مليون نسمة عام 2010 على افتراض معدل نمو سكاني يصل إلى 2 %، أضف إلى أن نحو 400 ألف من العلويين تركوا مناطق الساحل إلى دمشق وحمص وحماه ومناطق أخرى خلال الخمسين سنة الماضية فهذا يعني أن عدد العلويين المقيمين في الساحل قد لا يتجاوز اليوم 900 ألف نسمة، وبما أن مجموع عدد سكان محافظتي طرطوس واللاذقية المعقل الأساسي للعلويين بلغ عام 2010 نحو 2.1 مليون نسمة فإن هناك نحو مليون إلى 1.2 مليون شخص غير علوي معظمهم من السنة يعيشون في هاتين المحافظتين، وأن السنة يشكلون 70 % من سكان مدينة اللاذقية.
التقديرات السابقة مع الأخذ بعين الاعتبار نسبة إعادة التوزيع والتموضع لكثير من الأسر تبين أن العلويين في أحسن الحالات لن يشكلوا سوى نصف سكان دولة الساحل إذا شملت طرطوس واللاذقية، وإذا تم توسيع الرقعة فإن نسبتهم تتناقص عكساً مع ازدياد المساحة، وهذا يقود إلى استخلاصات منها الحاجة إلى عمليات تهجير جماعي “ترانسفير” للمكون السني، واستقطاب الأقليات الأخرى كالإسماعيلية والمسيحيين، وجملة هذه الأشياء تبدو صعبة ما يدفع للاعتقاد بأن أي دولة للعلوين ستقوم على فكرة “سوريا المفيدة” وليس التوزيع الطائفي، وبالتالي فإنهم سيسعون للسيطرة طولياً على مناطق من الشمال في حلب وحتى الحدود الأردنية جنوباً لضمان اتصال بري مع الأردن وحتى تركيا وإن فشلوا فستنحسر الدويلة إلى منطقة الساحل (طرطوس واللاذقية) مع مناطق في ريفي حمص وحماة.
السنة.. العامل المخرب
يقول المحلل “دحمان” إن الدولة العلوية ستسيطر على غالبية عناصر الاقتصاد السوري وأنها “ستصمد وتستمر ولو بكلفة مرتفعة لأن روافعها موجودة والأطراف الخارجية مستعدة للدفاع عنها”.
ويرى أن “العامل المخرب لهذه الخريطة هو العنصر العربي السني لكنه ضعيف ولا يمتلك مقومات لمقاومة بعيدة المدى خاصة إذا تم إغلاق الحدود التركية بإحكام”.
الإعلامي والكاتب المتخصص بالشأن الاقتصادي مصطفي السيد يرى أن “العقود الثلاثة القادمة ستشهد تناحراً اقتصادياً بين الدويلات المقسمة”، مشيراً إلى أن التناحر سيأخذ شكل “اقتتال عنيف” مع مراعاة تحديات ارتفاع كلف إعادة إعمار المناطق المدمرة ما يعني أن “سوريا المقسمة سيتخذ فيها كل قسم سياسة اقتصادية تنبع من مصالح افراده وستعاني سورية الداخلية
من عبء إعادة الإعمار بسب انهيار البنية التحتية في معظم المدن والبلدات”.
ولعل ما يطرحة “السيد” يقود إلى استخلاص أن أي تقسيم مفترض سيحاول فيه النظام التخلص من فاتورة إعادة الإعمار عبر الاستيلاء على مناطق مفيدة وغير مكلفة وجاذبة للاستثمار.
دولة المذهب
لا يبدو أن التقسيم سيحل المشكلة بل ربما يعقدها وصولا إلى إعادة تدمير الحدود الجديدة، ويرى الإعلامي محمد أمين أن سوريا “ستتحول إلى كانتونات هشة تحمل بذور فنائها” وهي ستدخل “نفق التصادم المتواصل وخاصة أنه ليس هناك منطقة سورية نقية عرقيا أو مذهبيا”.
ويتابع إن التقسيم يزيد من “جريان نهر الدم” الأمر الذي سيدفع “القوى الكبرى إلى مراجعة حساباتها”.
بدوره يرى الإعلامي مصطفى السيد أن “سوريا مقسمة” تعتبر “سلسلة لن تهدأ من البراكين حيث ستبقى فواتير الدم تدفع يومياً عبر مفخخات قاتلة وموت متواصل في الطرقات والمجمعات العامة” وأن ذلك سيبقى طالما أن “المنظومات العرقية والطائفية” لم تستوعب أن القتلة وبال على مجتمعاتهم.
يقول مراقبون إن فرض التقسيم في سوريا وإنشاء دويلات لا يعني انتهاء الصراع، بل يشكل مرحلة جديدة لصراع مركب من أسبابه العبث بالتركيبة السكانية ودخول لاعبين من القوى الدولية المتصارعة بإرادات متعاكسة، وبما أن اللاعب المحلي سيبقى أهم عناصر ذلك الصراع، فإن المكون السني سيبني معركته على تحالفات ومعطيات أكثر وضوحا خلال المرحلة المقبلة، ولعل رسم حدود “الدولة السنية” والتخلص من القوى الراديكالية الدخيلة ومنها “داعش” ستكون مبرراً لجزء ثان من هذا التحقيق الاستشرافي.
وسقط أمس ما لا يقل عن 50 قتيلاً في سلسلة انفجارات استهدفت طرطوس وجبلة والشيخ بدر حيث حملت الحكومة خلايا تابعة لقوى سنية تدعمها دولة حلب المسؤولية عن التفجيرات.
تلك صيغة خبر مفترض على خلفية تصاعد احتمالات التقسيم إثر تسريبات وتصريحات لمسؤولين روس وأميركيين، وليس واضحاً شكل الدويلات التي يفترض أن تنتج عن هذا التقسيم، إذ تشير خرائط إلى خمس دويلات، الغربية “الساحل حتى دمشق”، والكوردية، والشمالية “إدلب وحلب”، والشرقية “الرقة ودير الزور والحسكة، والخامسة هي الجنوبية وتضم درعا والقنيطرة والسويداء.
خبراء تحدثوا عن ثلاث دويلات فقط كاحتمال أقرب، وهي سنية وعلوية وكوردية، بين هؤلاء المحلل غازي دحمان الذي اعتبر أن الدويلة “الكبرى والأساسية هي العلوية التي ستمتد من حلب إلى درعا، مكونها الديمغرافي سيكون قريب التوازن بين السنة والأقليات مع أرجحية بسيطة للأقليات بفضل عمليات التهجير المحتملة”.
أما الكوردية ـ حسب دحمان ـ “فتمتد على طول الشريط الحدودي مع تركيا مكونها الأكراد مع بعض ما يتبقى من العرب في المرحلة الاولى، وستكون هذه الدولة مغلقة على الداخل السوري ومفتوحة باتجاه كردستان العراق”، وبالنسبة للدولة السنية فستكون “في الرقة ودير الزور وامتداداً حتى الحدود الأردنية والعراقية”.
تقسيم الأرض وشكل الدويلات ومكوناتها الديموغرافية، باتت احتمالات تلامس الواقع الذي يحاول السوريون الهروب منه، فيما سنضع تصوراته الواقعية ليعرف السوري على أي أرض يقف اليوم.
العلويون يستعجلون دولتهم
الحديث عن التقسيم سببه الأول أن نظام الأسد رسم حدوداً من الدم، ودفع بفكرة الدولة العلوية كخلاص أخير إذا فشل في إعادة فرض سيطرته بالقوة، وزاد على ذلك دخول إيران و ميليشيا شيعية ما أعطى طابعاً مذهبياً، وأسس لفكرة التقسيم، كما أن العلويين باتوا يشعرون بأنه غير مرغوب فيهم في الوسط الاجتماعي السني الممثل لأغلبية السكان بعدما ارتكب النظام فظائع سجلت باسمهم.
رغم كل الرفض الإعلامي الدعائي الرسمي لفكرة التقسيم، فإن غالبية العلويين تعتبر قيام دولتها أمراً ملحّاً وضرورة يفرضها الرعب من المستقبل والمحاسبة خاصة وأن هناك عشرات آلاف المتورطين في قتل المدنيين.
يقول إعلامي علوي فضل عدم ذكر اسمه مكتفيا برمز (ع . أ) إن كثيرا من العلويين “يبحثون عن الضمانات، وعندما وجدوا أو صوّر لهم العكس أصبحوا ينتظرون التقسيم”.
الإعلامي الذي لازال يعمل في كنف النظام ويحاول التمايز عنه في تحليل ما يجري بدا جريئاً في الكشف عن أن العلويين راغبون بدولتهم الخاصة، لكنه يحاول دفع تهمة رغبتهم بدولة طائفية بالقول إن العلويين لا يريدون التقسيم “بصورة التصفية بمعنى أن تكون الدولة كلها من طائفة معينة”، حيث إنهم “ينتظرون الأمان بغض النظر عن من يشاركهم الدولة، فالكثيرون ينشدون المحافظة على ما يسمى بسوريا المفيدة بما تضمه أما رغبة الاستقلال والفوز بدولة على غرار الكورد وقوميات أخرى فالعلويون لا تسكنهم هذه الأحلام”.
لعل رغبة العلويين بالتقسيم تحت دفع الشعور بالرعب لم تأخذ بالاعتبار احتمالات المستقبل والمخاطر وخصائص الدولة العلوية ديموغرافياً وقابليتها للحياة، وربما ترغب روسيا بمثل هذا الحل بدوافع عدة منها خلق كيان يضمن وجودها الدائم ويحفظ مصالحها في المنطقة.
دولة علوية بلا علويين
سمحت أوساط النظام السوري في السنوات الأخيرة بتمرير معلومات إحصائية تقول إن نسبة العلويين في سوريا تتجاوز 13 %، بينما قدرت دراسات أميركية نسبتهم بنحو 10 %، فيما يشير مهتمون إلى أن العلويين لا تتجاوز نسبتهم 7 % بالقياس مع معدل النمو في مناطق تواجدهم وهو الأقل مقارنة بباقي المناطق حسب تصنيف المكتب المركزي للإحصاء التابع للحكومة السورية، ما يعني أن العلويين الذين كان عددهم نحو 325 ألف نسمة حسب إحصاء 1943 لن يتجاوز عددهم 1.3 مليوناً من أصل 21 مليون نسمة عام 2010 على افتراض معدل نمو سكاني يصل إلى 2 %، أضف إلى أن نحو 400 ألف من العلويين تركوا مناطق الساحل إلى دمشق وحمص وحماه ومناطق أخرى خلال الخمسين سنة الماضية فهذا يعني أن عدد العلويين المقيمين في الساحل قد لا يتجاوز اليوم 900 ألف نسمة، وبما أن مجموع عدد سكان محافظتي طرطوس واللاذقية المعقل الأساسي للعلويين بلغ عام 2010 نحو 2.1 مليون نسمة فإن هناك نحو مليون إلى 1.2 مليون شخص غير علوي معظمهم من السنة يعيشون في هاتين المحافظتين، وأن السنة يشكلون 70 % من سكان مدينة اللاذقية.
التقديرات السابقة مع الأخذ بعين الاعتبار نسبة إعادة التوزيع والتموضع لكثير من الأسر تبين أن العلويين في أحسن الحالات لن يشكلوا سوى نصف سكان دولة الساحل إذا شملت طرطوس واللاذقية، وإذا تم توسيع الرقعة فإن نسبتهم تتناقص عكساً مع ازدياد المساحة، وهذا يقود إلى استخلاصات منها الحاجة إلى عمليات تهجير جماعي “ترانسفير” للمكون السني، واستقطاب الأقليات الأخرى كالإسماعيلية والمسيحيين، وجملة هذه الأشياء تبدو صعبة ما يدفع للاعتقاد بأن أي دولة للعلوين ستقوم على فكرة “سوريا المفيدة” وليس التوزيع الطائفي، وبالتالي فإنهم سيسعون للسيطرة طولياً على مناطق من الشمال في حلب وحتى الحدود الأردنية جنوباً لضمان اتصال بري مع الأردن وحتى تركيا وإن فشلوا فستنحسر الدويلة إلى منطقة الساحل (طرطوس واللاذقية) مع مناطق في ريفي حمص وحماة.
السنة.. العامل المخرب
يقول المحلل “دحمان” إن الدولة العلوية ستسيطر على غالبية عناصر الاقتصاد السوري وأنها “ستصمد وتستمر ولو بكلفة مرتفعة لأن روافعها موجودة والأطراف الخارجية مستعدة للدفاع عنها”.
ويرى أن “العامل المخرب لهذه الخريطة هو العنصر العربي السني لكنه ضعيف ولا يمتلك مقومات لمقاومة بعيدة المدى خاصة إذا تم إغلاق الحدود التركية بإحكام”.
الإعلامي والكاتب المتخصص بالشأن الاقتصادي مصطفي السيد يرى أن “العقود الثلاثة القادمة ستشهد تناحراً اقتصادياً بين الدويلات المقسمة”، مشيراً إلى أن التناحر سيأخذ شكل “اقتتال عنيف” مع مراعاة تحديات ارتفاع كلف إعادة إعمار المناطق المدمرة ما يعني أن “سوريا المقسمة سيتخذ فيها كل قسم سياسة اقتصادية تنبع من مصالح افراده وستعاني سورية الداخلية
من عبء إعادة الإعمار بسب انهيار البنية التحتية في معظم المدن والبلدات”.
ولعل ما يطرحة “السيد” يقود إلى استخلاص أن أي تقسيم مفترض سيحاول فيه النظام التخلص من فاتورة إعادة الإعمار عبر الاستيلاء على مناطق مفيدة وغير مكلفة وجاذبة للاستثمار.
دولة المذهب
لا يبدو أن التقسيم سيحل المشكلة بل ربما يعقدها وصولا إلى إعادة تدمير الحدود الجديدة، ويرى الإعلامي محمد أمين أن سوريا “ستتحول إلى كانتونات هشة تحمل بذور فنائها” وهي ستدخل “نفق التصادم المتواصل وخاصة أنه ليس هناك منطقة سورية نقية عرقيا أو مذهبيا”.
ويتابع إن التقسيم يزيد من “جريان نهر الدم” الأمر الذي سيدفع “القوى الكبرى إلى مراجعة حساباتها”.
بدوره يرى الإعلامي مصطفى السيد أن “سوريا مقسمة” تعتبر “سلسلة لن تهدأ من البراكين حيث ستبقى فواتير الدم تدفع يومياً عبر مفخخات قاتلة وموت متواصل في الطرقات والمجمعات العامة” وأن ذلك سيبقى طالما أن “المنظومات العرقية والطائفية” لم تستوعب أن القتلة وبال على مجتمعاتهم.
يقول مراقبون إن فرض التقسيم في سوريا وإنشاء دويلات لا يعني انتهاء الصراع، بل يشكل مرحلة جديدة لصراع مركب من أسبابه العبث بالتركيبة السكانية ودخول لاعبين من القوى الدولية المتصارعة بإرادات متعاكسة، وبما أن اللاعب المحلي سيبقى أهم عناصر ذلك الصراع، فإن المكون السني سيبني معركته على تحالفات ومعطيات أكثر وضوحا خلال المرحلة المقبلة، ولعل رسم حدود “الدولة السنية” والتخلص من القوى الراديكالية الدخيلة ومنها “داعش” ستكون مبرراً لجزء ثان من هذا التحقيق الاستشرافي.