الثلاثاء، 14 يونيو 2016

قصة نجاح المراهق الذي هرب أجهزة الكمبيوتر إلى بولندا

قصة نجاح المراهق الذي هرب أجهزة الكمبيوتر إلى بولندا

  • 13 يونيو/ حزيران 2016
Image copyrightSASCHA STEINBACH
بينما كانت الشيوعية تنهار في أوروبا الشرقية عام 1989، كان توماس تشيكوفيكز يجمع بين اللهو وإدارة تجارة غير مشروعة، ويقطع مسافات طويلة وهو يقود السيارة.
وقد أدرك تشيكوفيكز المغرم بالكمبيوتر وطالب الهندسة الالكترونية أن هناك طلبا هائلا على أجهزة الكمبيوتر الشخصية في بولندا. لكن بسبب النظام الشيوعي فيها، لم تكن تلك الأجهزة متوفرة لمن يريد شراءها هناك.
لذا رسم تشيكوفيكز الذي كان يقيم في مدينة وارسو خطة للبدء في تهريب أجهزة الكمبيوتر مما كان يعرف وقتها بألمانيا الغربية.
كان أول شيء يفعله صباح كل سبت هو الذهاب بالسيارة إلى ألمانيا الشرقية، في رحلة تستغرق أربع ساعات إلى برلين التي ما زالت مقسمة، قبل أن يتسلل إلى برلين الغربية.
ويقول تشيكوفيكز الذي يبلغ 45 من عمره، ويعتبر من أكثر رجال الأعمال البولنديين ثراء: "ذهبت مع زميلي في سيارة فيات 126 وكان علينا أن نقود السيارة حول برلين للدخول من الجانب الغربي".
وكان الصديقان يشتريان أجهزة كمبيوتر مستعملة في برلين الغربية، مثل أجهزة "كومودور أميغا 1000"، قبل أن يعودا إلى العاصمة البولندية وارسو على بعد ست ساعات بالسيارة.
ومن ثم يقضيان ليلة صاخبة في وارسو قبل أن يبيعا أجهزة الكمبيوتر بأرباح قدرها 50 في المئة في صباح الأحد، في أحد الأسواق التي تعقد في الشارع. بعد ذلك، يقودان السيارة عائدين إلى روكلاو حيث الكلية التي يدرسان فيها.
ويقول تشيكوفيكز إن ذلك كان عمله المعتاد في نهاية كل أسبوع، ويضيف: "كنا نبيع حوالي خمسة أجهزة كل أسبوع".
لكن لم تكن فقط أجهزة الكمبيوتر هي كل ما حمله تشيكوفيكز وصديقه في طريق عودتهما إلى بولندا كل يوم سبت، كما يقول. "كان الاكتشاف الجديد والهام جداً هو أن الألمان الغربيين لا يستطيعون التخلص بالسرعة الكافية من الأجهزة التي تصبح قديمة".
Image copyrightTOMASZ CZECHOWICZ
Image captionاستخدم تشيكوفيكز ما ادخره من مال لإنشاء شركة استثمار خاصة
في الوقت ذاته، كان البولنديون يرغبون في أجهزة الكمبيوتر القادمة من الغرب. وهكذا أدرك تشيكوفيكز أنه يستطيع إرضاء الطرفين. وبينما بدأ النظام الشيوعي في أوروبا الشرقية يترنح، أنشأ تشيكوفيكز مع صديقين له شركة تجارية أطلقا عليها اسم "جي تي تي"، وأغرقوا بولندا بأجهزة الكمبيوتر المستعملة من نوع "كومودور 64".
تطورت شركة "جي تي تي" بسرعة مستخدمة الأموال التي جنتها من المبيعات الأولى لشراء المزيد من أجهزة الكمبيوتر من ألمانيا. كما جمع السيد تشيكوفيكز أموالاً من بيع أسهم للشركة إلى أصدقاء وأفراد من العائلة، محتفظاً بنحو 40 في المئة من الأسهم لنفسه.
كما تم ضم موظفين للعمل في الشركة من بينهم شقيقة تشيكوفيكز التي كانت تتحدث الألمانية بطريقة معقولة، كما تم استئجار محل كبير لعرض البضاعة.
وفي غضون عدة سنوات، بدأت "جي تي تي" في تجميع أجهزة الكمبيوتر الخاصة بها، وبيع أكثر من مليون جهاز في العام الواحد. بعد ذلك بسبع سنوات، أصبح العائد السنوي لشركة "جي تي تي" 100 مليون دولار، وبلغ عدد موظفيها 400 موظف.
لكن الأمور لم تكن تسير بانسياب تام، ويقول تشيكوفيكز أنه استيقظ ذات صباح وأدرك أنه لم يكن يعرف كيف يدير الشركة، ويضيف: "كنا نبنيها ونحن نمضي في طريقنا، أي دون تخطيط مسبق".
وقد برزت مع ذلك مشاكل تتعلق بالحسابات، والجدل الضريبي مع الحكومة، وقضايا التزويد والتوزيع المتعددة، وقد أدرك تشيكوفيكز الذي كان يحتل موقع الإدارة التنفيذية أنه لا يعرف كيف يتعامل مع كافة هذه القضايا.
وكان عليه أن يعترف لنفسه أن الذكاء الطبيعي والتحايل على النظام يمكن أن يأخذه بعيداً. لذا قرر تشيكوفيكز أن يترك العمل اليومي في إدارة "جي تي تي" عام 1996 والعودة إلى الجامعة لدراسة ماجستير إدارة الأعمال في جامعة مينيسوتا، والتي كانت تقدم برنامجاً تعليمياً في وارسو في ذلك الوقت.
Image copyrightSASCHA STEINBACH
Image captionبلغت قيمة استثمارات "أم سي آي كابيتال" أكثر من 2.3 مليار زلوتي بولندي
وبعد عامين من ذلك، استخدم ما ادخره من مال لإنشاء شركة استثمار خاصة، أطلق عليها اسم "أم سي آي كابيتال"، والتي أنشأها بغرض الاستثمار في شركات التكنولوجيا البولندية.

مدير صارم

وبالوصول إلى يومنا هذا، بلغت قيمة استثمارات "أم سي آي كابيتال" أكثر من 2.3 مليار زلوتي بولندي. وتوسعت إلى خارج بولندا لكي تستثمر في شركات في ألمانيا والنمسا والتشيك، وإسرائيل، وروسيا، وتركيا.
ومن الشركات التي لها أسهم فيها شركة السيارات الإسرائيلية جيت، والمزاد الالكتروني الألماني "أوكشناتا"، ومتجر البقالة البولندي الالكتروني فريسكو، وشركة آي زيتل السويدية المتخصصة في الدفع عن طريق الموبايل.
تشيكوفيكز، المدير التنفيذي لشركة "أم سي آي"، اكتتب شركته في سوق الأسهم البولندية عام 2001، لكنه احتفظ ب 53 في المئة من الأسهم لنفسه. وتقدر ثروته الشخصية بنحو 147مليون دولار، (100 مليون جنيه استرليني). ويعرف عنه حماسه للمشاركة في سباقات الماراثون، ومعروف كذلك بأنه مدير صارم في تحديد المهمات لموظفيه.
Image copyrightGERARD MALIE
Image captionبدأ تشيكوفيكز حياته المهنية بتهريب أجهزة الكمبيوتر القديمة من المانيا
يقول أحد رجال الأعمال البولنديون الذي لم يرغب في الكشف عن هويته عن السيد تشيكوفيكز: "أحب هذا الرجل، ولا مانع من أشتري أسهماً في شركته، لكنني لا أقبل به أبداً أن يكون مسؤولي في العمل".
بينما آخرون يقولون إنه معروف بأنه لا يطيق الحمقى أو المتكاسلين عن تنفيذ العمل.
أما هو فيقول: "كل شخص في 'أم سي آي' يعرف ما هو المطلوب منه، وهو إما أن يقوم به أو لا يقوم به". وبينما تواصل أم سي آي تطورها، يقول إنه سعيد بشكل خاص بالاستثمار في شركات التكنولوجيا في بولندا وفي مناطق أخرى من العالم.
ويضيف: "الابتكار وروح التجارة تحتاج إلى الشجاعة، واستثماراتنا تساعد الاقتصاد البولندي، واقتصاد المنطقة على التحول في المستقبل إلى اقتصاد رقمي حقيقي".

هل لا تزال الولايات المتحدة بحاجة إلى السعودية؟

هل لا تزال الولايات المتحدة بحاجة إلى السعودية؟

 

Image copyrightAFP

شهد التحالف المستمر منذ سبعة عقود بين الولايات المتحدة والسعودية عاما صعبا.
وتجلى ذلك في غضب الرياض إزاء الاتفاق النووي مع إيران، وتصريحات الرئيس أوباما عن حلفاء الانتفاع المجاني، وصولا إلى تهديد السعودية بالتخلص من 750 مليار دولار، قيمة سندات لوزارة الخزانة الأمريكية وأصول أخرى تمتلكها الرياض، والعناوين الرئيسية بالصحف الأمريكية التي وصفت العائلة الحاكمة في السعودية بأنها "حثالة ملكية".
لكن ولي ولي العهد السعودية قادم إلى واشنطن الاثنين، برسالة أخرى مفادها: ربما لم تعودوا تحبوننا أو تحتاجون نفطنا، لكن المملكة فرصة كبيرة للاستثمار.
محمد بن سلمان، الابن الطموح والقوي للملك سلمان والذي يبلغ من العمر 30 عاما، سيحمل فكرة الانخراط في تعاون اقتصادي أعمق بين البلدين، وسيتخذ الخطوة غير العادية، بوضع خطة عمل تتجاوز المحادثات مع مسؤولي الإدارة الأمريكية في واشنطن.
ويخطط بن سلمان لعقد اجتماعات في وول ستريت في نيويورك، وفي سيليكون فالي في كاليفورنيا، وذلك في محاولة لجذب الاستثمارات، في وقت يترنح فيه اقتصاد بلاده بسبب هبوط أسعار النفط.

خطة تحول

Image copyrightGETTY
Image captionتحدث البعض عن حدوث انقلاب داخل العائلة الحاكمة بالسعودية، بعد تولي الأمير محمد بن نايف منصب ولي العهد خلفا للأمير مقرن بن عبدالعزيز.
وتأتي الزيارة بعد نحو أسبوع من إعلان المملكة عن خطة جريئة، رأها البعض غير واقعية، لتحويل اقتصادها الذي يعتمد على النفط إلى اقتصاد يقوده القطاع الخاص.
وتهدف خطة التحول الوطنية والمسماة "رؤية السعودية 2030" إلى تنويع مصادر الدخل، وخفض مستوى البطالة وترويج السياحة الإسلامية، وتنمية الصناعات الدفاعية المحلية.
لقد كان بالفعل عاما من التغير السريع داخل المملكة، منذ صعود الملك سلمان إلى العرش في يناير/ كانون الثاني من عام 2015، حيث شهد عدة تعديلات وزارية واسعة وصعود خاطف لابن الملك.
وكانت هناك تكهنات كثيرة حول حدوث انقلاب داخل القصر، ومستقبل استقرار المملكة.
وكتب محمد اليحيى، وهو مستشار سعودي، في صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية: "خطة التحول الوطنية إلى جانب التطورات الأخرى لا يجب أن تُرى كدليل على أن الدولة تضل طريقها، بل بدلا من ذلك يجب أن تُرى كعلامة على أن الدولة تقف على أعتاب التحول".
وإذا كان هناك الكثير من الاستياء بسبب الاتفاق النووي مع إيران، فإن الأمير الشاب يبدو أنه يحاول أن يثبت للولايات المتحدة أن المملكة ليس حليفا ينتفع بالمجان، لكن لديها الكثير الذي يمكن أن تقدمه، وأنها أفضل بلد يمكن أن تراهن عليه واشنطن في المنطقة.
وفي الجلسات الخاصة، يعرب مسؤولون أمريكيون بين الحين والآخر عن اعتقادهم، بأنه على المدى الطويل ستكون إيران حليفا طبيعيا لواشنطن، أكثر من النظام الملكي المحافظ في السعودية، أو على الأقل أنها لديها فرصة أفضل للتحول نحو الديمقراطية.
كما اعتُبر الاتفاق النووي، الذي تم التوصل إليه الصيف الماضي، أيضا وسيلة لتدعيم الإصلاحيين في إيران.
ولذلك فإنه من المفارقات أن السعودية ذات النظام الملكي المطلق هي التي تسعى إلى الريادة في برنامج إصلاح سريع، مدفوعة ليس فقط بالضرورة إلى ذلك التغيير، وإنما أيضا رغبة منها في التفوق على منافسها اللدود إيران.

لاعب رئيسي

Image copyright.
Image captionسيسعى محمد بن سلمان لجذب استثمارات أمريكية في بلاده.
وفي منطقة تمور بالاضطرابات، تظل السعودية لاعبا رئيسيا والبلد العربي الوحيد الذي يمثل قوة إقليمية، حتى وإن أدى الانخفاض في أسعار النفط إلى اضطرار الرياض إلى تخفيض مساعداتها السخية، التي توزعها على الأصدقاء والحلفاء للحفاظ على نفوذها.
فمصر غارقة في مشاكلها السياسية والاقتصادية الداخلية، وتواجه تمردا مسلحا في سيناء، وسوريا أصبحت مجرد ساحة للقتال، بينما زادت قوة إيران بدرجة كبيرة.
وتقود السعودية المهمة ضد إيران في المنطقة عسكريا واقتصاديا، وتحاول إعادتها إلى الصندوق الذي أخرجتها منه الولايات المتحدة، بتوقيع الاتفاق النووي ورفع العقوبات عنها.
وأصبحت السياسة الخارجية للمملكة أكثر نشاطا، وأعقب ذلك تداعيات تدميرية على اليمن المجاور، حيث يقول التحالف الذي تقوده السعودية إن إيران تدعم المتمردين الحوثيين.
وخلال العام الماضي كانت السعودية الدولة الأولى عالميا، من حيث حجم الإنفاق العسكري.
وربما يكون لدى الرئيس أوباما كلمات قاسية للسعوديين، لكن أفعاله تقول شيئا آخر.

مبيعات الأسلحة

وفي عام 2010 وافقت إدارة أوباما على مبيعات أسلحة للسعودية تصل إلى 60 مليار دولار، ومنذ ذلك الحين أتمت صفقات منها بنحو 48 مليار دولار، وهو ما يعادل ثلاثة أمثال الكمية التي تمت تحت إدارة الرئيس السابق جورج بوش الابن.
لكن بعيدا عن أهمية استقرار السعودية وضرورة التعاون في مكافحة الإرهاب، فإن التصور المأخوذ عن السعودية من الصعب تغييره.
هناك القليل من القضايا التي يتفق عليها الديمقراطيون والجمهوريون الأمريكيون في هذه الأيام، لكنهم يبدون متفقين بشأن انتقادهم للسعودية.
Image copyrightREUTERS
Image captionخلفت الحرب التي تقودها السعودية في اليمن تداعيات تدميرية.
وحتى في البيت الأبيض، قال مسؤولون للزائرين في مناسبات متفرقة إن غالبية المهاجمين الذين ارتكبوا أحداث 11 سبتمبر/ أيلول لم يكونوا إيرانيين، بل كانوا سعوديين، وذلك وفقا لـ "جيفري غولدبيرغ" الصحفي بمجلة "ذي أتلانتيك".
ووافق مجلس الشيوخ الأمريكي على مشروع قانون، يسمح بتحميل السعودية المسؤولية عن أي دور في هجمات سبتمبر/ أيلول، ما دفع الرياض إلى التهديد ببيع سندات الخزانة الأمريكية التي تمتلكها.
وفي مقال رأي نشر حديثا في صحيفة نيويورك تايمز، كتب المعلق نيكولاس كريستوف: "المملكة السعودية تشرعن التطرف الإسلامي وعدم التسامح حول العالم. إذا أردت أن توقف التفجيرات في بروكسل وسان برناردينو، إذن عليك أن تغلق صنابير التحريض في السعودية ودول الخليج الأخرى".
وكانت السعودية قد تركزت عليها الأضواء، بعد أن كشف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن أن الرياض ضغطت عليه من أجل حذف اسمها من القائمة السوداء، بشأن الضحايا من الأطفال في اليمن، وهي الحرب التي أيدتها الولايات المتحدة ضمنيا.
وهددت الرياض بوقف كل تمويلاتها للأمم المتحدة، وإصدار فتوى ضد المنظمة الدولية، مما أثار غضب المنظمات الحقوقية الدولية.
وإذا كانت المملكة قد اضطرت إلى تقليص دبلوماسية دفاتر الشيكات بسبب انخفاض أسعار النفط، إلا أنه لا يزال بإمكانها أن تستخدم ثروتها كوسيلة ضغط سياسي، وأن تسوق خططها للإصلاح لنسج رواية أكثر إيجابية عما يمكن للسعودية أن تقدمه.

المزيد حول هذ