الجمعة، 21 أكتوبر 2016

الفن وسيلة للتعايش الإسرائيلي-الفلسطيني في القدس

الفن وسيلة للتعايش الإسرائيلي-الفلسطيني في القدس

 

يزخر المشهد المقدسي بنشاطات فنية تهدف إلى تشجيع الشراكة في العمل الفني والتعرف على الآخر. لكن ترى إلى أين تقود هذه التفاعلات بين المجتمعين الإسرائيلي والفلسطيني؟ وهل يمكن أن يأتي السلام عبر الفن والتبادل الثقافي؟

في وقت تركز فيه الولايات المتحدة مساعيها لتجديد الحوار السياسي بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، أحيى مركز الحوار بين الثقافات في القدس، وللسنة الثامنة على التوالي، ورشات عمل لأنواع الفنون: الرقص التعبيري والموسيقى والمسرح، وذلك تزامناً مع يوم المصالح العالمي ومهرجان العود السنوي. وعلى الرغم من الجمود السياسي فإن النشاطات الفنية تشهد تزايداً مستمراً.
في قاعات مبنى جمعية الشبان المسيحيين العريقة بمدينة القدس انقسم عشرات المشاركين من الشبيبة العرب واليهود إلى فرق عمل، ،تملؤهم روح الابتكار والإبداع، التي غطى دبيبها الأفق، وكأنهم طوائف من النحل تعد نفسها للمشهد القادم.
الراحة والشفافية وجودة العمل أسس النجاح
ويقول السيد نديم شيبان، مدير قسم تطوير البرامج في "صندوق أورشليم القدس"، الذي يواكب المشاريع الفنية المشتركة بين فلسطينيين وإسرائيليين منذ سنوات عديدة: "هناك ثلاثة مقومات أساسية تضمن نجاح فرص اللقاء بين الطرفين: البيئة المريحة التي تدعو إلى الانفتاح والحديث بشفافية دون أي ضغوط. ثانياً، مضامين ذات جودة مهنية عالية". ويدلل على هذه المقولة غناء المطربة الفلسطينية أمل مرقص لقصائد وطنية للشاعر الفلسطيني محمود درويش، مع ترجمة للعبرية، احتفى بها الحضور المقدسي. كما عرضت فرق المسرح لوحات إنسانية مستوحاة من الحياة اليومية تطغى عليها الآراء المسبقة. ويضيف السيد شيبان، في حوار مع دويتشه فيله: "يقع الاختيار على برامج طويلة الأمد، تكون دعامة قوية في المستقبل". فلا عجب أن يزداد الإقبال من الفنانين المشهورين، عرباً ويهوداً.

وفي لقاء مع المطرب المقدسي المشهور أحمد قليبو، الذي شكل فرقة مشتركة عربية يهودية، قدم خلالها مجموعة من الأغاني السورية، أكد قليبو لدويتشة فيلة أن "الأطر الفنية المزدوجة تفتح المجال للتعارف وإيجاد الفرص لأعمال مشتركة، مثل الطلب الذي تقدمت به مديرة مدرسة الرقص التعبيري في تل أبيب للتعاون في المستقبل".
من جانبه يشير الدكتور حغاي سنير، مدير مركز الحوار بين الثقافات في القدس، إلى أن "المركز يشكل حلقة وصل بين المؤسسات البلدية والحكومية وبين المجتمع المدني، إذ يقوم بتذليل العوائق الثقافية لتسهيل الحياة اليومية عن طريق الفن والطاولة المستديرة وبرامج أخرى".
هذا وتعكف لجنة مشتركة على فحص مضامين البرامج الثقافية، حيث تم هذا العام اختيار مقطوعات موسيقية للموسيقار المصري الراحل محمد عبد الوهاب "ساهمت في تلهف الحضور على الموسيقى الشرقية، والتعرف على ربع تون"، على حد تعبير الموسيقار هيلينا سابيلا من شرقي القدس، التي تعشق الموسيقى وتعزف العديد من الآلات الموسيقية. وتشرح سابيلا لدويتشه فيله بعض نشاطات المركز الموسيقي الذي تديره في بيت صفافا، غربي القدس، إذ تقدم خدمات للعديد من المدارس العبرية والعربية في المدينة.

نجاح واضح رغم الضغوط السياسية
لكن ما هو مقياس نجاح التجارب الفنية المشتركة بعد سنوات طويلة؟ نديم شيبان يجيب بالقول "إن النتائج ظاهرة للعيان ولا حاجة إلى إجراء إحصائيات، فنحن نرى كيف تضاعفت النشاطات الفنية المشتركة. فرقتان للمسرح وفرقتان موسيقيتان طورها عدد من المشاركين في ورشات العمل، إضافة إلى شراكات شخصية، مما يدعو إلى التفاؤل".
ويضيف الدكتور سنير أنه "على اتصال بهذه المجموعات على امتداد السنة، فالمركز يعمل في بيئة فلسطينية معقدة، لأن الفلسطيني يعاني من حالة انفصام. فمن ناحية يتطلع إلى العيش بصورة طبيعية، في مجتمع عادل يحترم الحريات والحقوق، ومن ناحية ثانية يتطلع إلى تثبيت هويته الفلسطينية في دولته. لكن التجاوب الذي نلقاه يدل على البراغماتية".
ويبقى التعايش المشترك واقعاً تتأقلم فيه الغالبية من الجانبين، على الرغم من الضغوط السياسية التي تشكل عائقاً في وجه المبادرات. حول ذلك يعقب المطرب أحمد قليبو بالقول: "للأسف أول من يدفع الثمن في الظروف العصيبة هو الفن، مع أن الفن لغة الشعوب. فالموسيقى لغة روحانية، تداعب مشاعر وأحاسيس المستمع، بغض النظر عن لغته وديانته وعقيدته". وما يؤكد هذه المقولة ما روته الشابة الإسرائيلية صوفي لدويتشه فيله، عن حماسها للعمل المشترك مع فلسطينية قابلتها في المؤتمر. ويضيف أوري نتنئيل، منتج وملحن موسيقي إسرائيلي: "هذه اللقاءات دفعتني إلى تعلم اللغة العربية على الرغم من ضيق وقتي، إضافة إلى مبادرات موسيقية مع الإخوة الفلسطينيين".
إجمالاً، يمكن القول إن القائمين على تطوير البرامج المشتركة والمشاركين من الجانبين متفائلون، وفقاً للمقولة "لا تسأل ماذا حصدت في نهاية يوم العمل، بل اسأل كم من البذور زرعت".
ليندا منوحين عبد العزيز- تل أبيب
مراجعة: ياسر أبو معيلق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق