ماذا لو طلبت السلطة من "الإنتربول" القبض على دحلان.. هل يتم إحضاره أم يهرب لشرق أوروبا؟!
خاص دنيا الوطن - صلاح سكيك
أصدرت محكمة جرائم الفساد الفلسطينية، ومقرها رام الله، حكمًاً بالسجن لمدة ثلاث سنوات وغرامة مالية تقدر بـ 16 مليون دولار، بحق النائب المفصول من حركة فتح محمد دحلان، وذلك عندما عمِل منسقًا للشؤون الأمنية في الرئاسة الفلسطينية عامي 2007 – 2008.
هذا الحكم القضائي على دحلان، جاء بعد يوم من رفع الحصانة عنه وعن 4 أخرين من نواب حركة فتح بالمجلس التشريعي، وبذلك أصبح دحلان ليس فقط خارج حركة فتح، وانما أيضًا خارج التشريعي، ودون أي مسمى تنظيمي أو برلماني، وهو الأن مطالب بالمثول أمام القضاء الفلسطيني في عدة تهم وكلها تُهم كبيرة بالمناسبة.
هذا الملف الشائك يفرض علينا تساؤلات كبيرة، لذلك لا بد لنا أن نفتح هذا الملف، ونطرح أسئلة هامة على الخبراء في محاولة منا لفك شفرات لغز دحلان، فهل تُقدِم دولة فلسطين على مخاطبة الإمارات العربية المتحدة، لتسليمها القيادي المفصول محمد دحلان، وهل تقبل الأخيرة تسليم دحلان للسلطة، أم ذلك سيؤدي لقطع علاقات السلطة بالإمارات وبعض الدول العربية، والسؤال الأهم هل فلسطين عضوً في الشرطة الدولية (الإنتربول)، وما هو دور (الإنتربول) في هذا الملف وهل يستطيع أن يضغط على الإمارات من أجل تسليم دحلان للسلطة؟
عضو الهيئة القيادية العليا في حركة فتح، يحيى رباح، قال: إن محمد دحلان وعد أكثر من مرة بأن يمتثل للقضاء ويخضع للمحاكمة، وأن يترافع ويدافع عن نفسه، لكنه لم ينفذ أي من تلك الوعودات، وبالتالي صدر قرار غيابي ضده، ويجب أن يخضع للقانون الآن.
وفيما لو رفضت الإمارات تسليم دحلان للسلطة فبحسب رباح، ستكون الإمارات مضطرة لتسليمه لأنها موقعه على اتفاقية (الإنتربول)، مؤكدًا أن فلسطين ستحصل على عضوية (الإنتربول) قريبًا.
وبيَن أنه في حال هرب دحلان إلى دولة أخرى فإن (الإنتربول) سيلاحقه حتى يحضره ويسلمه للسلطة، مشيرًا إلى أن هناك حوادث مشابهة حدث لمصر فقدمت القبض على بعض الهاربين وتم تسليمهم إليها، وعلى العكس من ذلك سلمت مصر العديد من الشخصيات لـ (الإنتربول).
وتابع القيادي الفتحاوي لدنيا الوطن: "العلاقات بين فلسطين والإمارات جيدة ومتينة ومن المستحيل أن يشوبها شائبة أو أن يؤثر عليها شخص ما، والاتصالات دائمة بين البلدين".
الاتفاقات بين البلدين الفيصل
الكاتب والمحلل السياسي، د. رياض العيلة، أكد أنه من الممكن أن تقدم السلطة الفلسطينية طلبًا للإمارات بتسليم محمد دحلان، في حال كان هناك اتفاقيات ثنائية موقعة بين الطرفين، لافتًا إلى أن العلاقات الدبلوماسية بين فلسطين والإمارات لن تتضرر رغم ملف دحلان الشائك، وستبقى العلاقات كما هي الآن.
وأضاف لـ"دنيا الوطن"، لكن في حال لم توجد أي اتفاقات فلن يتم تسليمه حتى وإن طلبت دولة فلسطين بشكل رسمي ذلك، مستبعدًا في الوقت ذاته أن يتجاوب (الإنتربول) مع مراسلات السلطة في حال طلبت منه القبض على دحلان، لأنه لا يُقحم نفسه في شؤون الدول الداخلية.
بدوره، الكاتب والمحلل السياسي، د. مخيمر أبو سعدة، أوضح أن الإمارات لن تستجيب لنداءات السلطة الفلسطينية في حال طلبت الأخيرة تسليم دحلان لها، مشيرًا إلى أن علاقة الصداقة التي تربط دحلان بأمراء الإمارات وتحديدًا علاقته بولي العهد محمد بن زايد متينة وقوية.
العودة لغزة
وذكر لـ" دنيا الوطن"، أنه في حال قيام السلطة بتقديم طلب للإنتربول بتسليمها دحلان فلن يُستجاب لها إطلاقًا سواء انضمت السلطة للشرطة الدولية أو لم تنضم.
وبيّن أبو سعدة، أنه في حال طلب دحلان اللجوء إلى قطاع غزة التي تقع تحت سيطرة حركة حماس، فإن الأخيرة لن تقوم بتسليمه لرام الله، لأن حماس لا تتعامل مع السلطة برام الله، وهي أول من انتقد قرار الدستورية بإعطاء الرئيس حق رفع الحصانة عن النواب، فهي التي تمتلك أغلبية المجلس التشريعي.
حسين سالم نموذج
فيما أشار الكاتب والمحلل المصري، سمير غطاس، إلى أنه من المستحيل أن تقوم الإمارات بتسليم دحلان للسلطة، بناءً على علاقات الصداقة والمصاهرة بينه وبين أفراد من الأسرة الحاكمة، موضحًا أن تصريحات محمد بن زايد ولي عهد الإمارات، التي اعتبر فيها دحلان أحد أفراد العائلة الحاكمة يدلل على ذلك.
وأوضح غطاس لـ "دنيا الوطن"، أن العلاقة بين الإمارات وفلسطين سيئة في الوقت الراهن، متوقعًا أن تزداد سواءً حال طلبت السلطة من الإمارات تسليمها دحلان.
واستشهد الكاتب المصري، بحادثة مماثلة حدثت في مصر حينما طالبت السلطات المصرية من رجل الأعمال الهارب، حسين سالم، استرجاع 75% من أمواله التي حصل عليها في فترة حكم الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، فتمت صفقة بين الطرفين وهي أن يقوم سالم بإعادة الأموال والتي تقدر بـ 602 مليون دولار للدولة المصرية مقابل العفو عنه، مستدركًا: قضية دحلان أكبر من قضية سالم، لأنها ليس مالية فقط وإنما هناك جرائم قتل وفساد مالي وسرقة أموال.
وأضاف: "قضية سالم كانت قانونية فلا يوجد له خصم سياسي في مصر وإنما الحكومة طلبت استرجاع أموال، وعلى النقيض من ذلك فقضية دحلان سياسية وهو خصم لعدة أطراف فلسطينية".
وشدد غطاس، على أن دحلان لا شعبية له في فتح، وما تمخض عن المؤتمر السابع هو قتل لطموح دحلان السياسي وتعزيز لنفوذ الرئيس عباس، مشيرًا إلى أن فتح لفظت دحلان نهائيًا وهو الأن خارجها ولا يمكن له أن يعود إليها على الأقل خلال العشر سنوات القادمة.
الهروب إلى صربيا
أما الخبير في الشأن الدولي، د. علاء أبو طه، فقال: إن المراسلات التي تقدمها الدول للإنتربول لمساعدتها للقبض على أشخاص يمر بعدة مراحل حتى يصل الطلب إلى مرحلة التنفيذ والتسليم، مبينًا أن الإجراءات معقدة ويمكن الطعن في مراسلات الدولة والإنتربول.
وتابع لـ"دنيا الوطن": "في حال تقاعست الدولة المستضيفة في القبض على دحلان فإن الإنتربول لا يستطيع أن يفرض عليها تسليم دحلان أو غيره، فلا جدوى من طلب السلطة من الإنتربول القبض على دحلان".
وأشار أبو طه، إلى أن دحلان بإمكانه اللجوء إلى دولة صربيا [على اعتبار أنه يحمل جنسيتها]، ففي هذه الحالة تكون الإمارات أخلّت مسؤوليتها عنه تمامًا، وبالتالي تقف على الحياد بين السلطة ودحلان، مؤكدًا على استطاعة دحلان التغلب على كل الفرضيات الصعبة بعلاقاته الدولية.
وتوقع أن نشهد الفترة المقبلة بعض الشغب من دحلان واستخدام وسائل تهدف "التنغيص" على قيادات السلطة والضرب من بعيد، والخروج أمام الملأ على أنه ما زال قويًا بعد سلسلة من المطبات الصعبة التي مر بها من بعد المؤتمر السابع لحركة فتح.
المزيد على دنيا الوطن .. http://www.alwatanvoice.com/arabic/news/2016/12/15/1000225.html#ixzz4T5ZYO6jp
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق