قصة نجاح المراهق الذي هرب أجهزة الكمبيوتر إلى بولندا
- 13 يونيو/ حزيران 2016
بينما كانت الشيوعية تنهار في أوروبا الشرقية عام 1989، كان توماس تشيكوفيكز يجمع بين اللهو وإدارة تجارة غير مشروعة، ويقطع مسافات طويلة وهو يقود السيارة.
وقد أدرك تشيكوفيكز المغرم بالكمبيوتر وطالب الهندسة الالكترونية أن هناك طلبا هائلا على أجهزة الكمبيوتر الشخصية في بولندا. لكن بسبب النظام الشيوعي فيها، لم تكن تلك الأجهزة متوفرة لمن يريد شراءها هناك.
لذا رسم تشيكوفيكز الذي كان يقيم في مدينة وارسو خطة للبدء في تهريب أجهزة الكمبيوتر مما كان يعرف وقتها بألمانيا الغربية.
كان أول شيء يفعله صباح كل سبت هو الذهاب بالسيارة إلى ألمانيا الشرقية، في رحلة تستغرق أربع ساعات إلى برلين التي ما زالت مقسمة، قبل أن يتسلل إلى برلين الغربية.
ويقول تشيكوفيكز الذي يبلغ 45 من عمره، ويعتبر من أكثر رجال الأعمال البولنديين ثراء: "ذهبت مع زميلي في سيارة فيات 126 وكان علينا أن نقود السيارة حول برلين للدخول من الجانب الغربي".
وكان الصديقان يشتريان أجهزة كمبيوتر مستعملة في برلين الغربية، مثل أجهزة "كومودور أميغا 1000"، قبل أن يعودا إلى العاصمة البولندية وارسو على بعد ست ساعات بالسيارة.
ومن ثم يقضيان ليلة صاخبة في وارسو قبل أن يبيعا أجهزة الكمبيوتر بأرباح قدرها 50 في المئة في صباح الأحد، في أحد الأسواق التي تعقد في الشارع. بعد ذلك، يقودان السيارة عائدين إلى روكلاو حيث الكلية التي يدرسان فيها.
ويقول تشيكوفيكز إن ذلك كان عمله المعتاد في نهاية كل أسبوع، ويضيف: "كنا نبيع حوالي خمسة أجهزة كل أسبوع".
لكن لم تكن فقط أجهزة الكمبيوتر هي كل ما حمله تشيكوفيكز وصديقه في طريق عودتهما إلى بولندا كل يوم سبت، كما يقول. "كان الاكتشاف الجديد والهام جداً هو أن الألمان الغربيين لا يستطيعون التخلص بالسرعة الكافية من الأجهزة التي تصبح قديمة".
في الوقت ذاته، كان البولنديون يرغبون في أجهزة الكمبيوتر القادمة من الغرب. وهكذا أدرك تشيكوفيكز أنه يستطيع إرضاء الطرفين. وبينما بدأ النظام الشيوعي في أوروبا الشرقية يترنح، أنشأ تشيكوفيكز مع صديقين له شركة تجارية أطلقا عليها اسم "جي تي تي"، وأغرقوا بولندا بأجهزة الكمبيوتر المستعملة من نوع "كومودور 64".
تطورت شركة "جي تي تي" بسرعة مستخدمة الأموال التي جنتها من المبيعات الأولى لشراء المزيد من أجهزة الكمبيوتر من ألمانيا. كما جمع السيد تشيكوفيكز أموالاً من بيع أسهم للشركة إلى أصدقاء وأفراد من العائلة، محتفظاً بنحو 40 في المئة من الأسهم لنفسه.
كما تم ضم موظفين للعمل في الشركة من بينهم شقيقة تشيكوفيكز التي كانت تتحدث الألمانية بطريقة معقولة، كما تم استئجار محل كبير لعرض البضاعة.
وفي غضون عدة سنوات، بدأت "جي تي تي" في تجميع أجهزة الكمبيوتر الخاصة بها، وبيع أكثر من مليون جهاز في العام الواحد. بعد ذلك بسبع سنوات، أصبح العائد السنوي لشركة "جي تي تي" 100 مليون دولار، وبلغ عدد موظفيها 400 موظف.
لكن الأمور لم تكن تسير بانسياب تام، ويقول تشيكوفيكز أنه استيقظ ذات صباح وأدرك أنه لم يكن يعرف كيف يدير الشركة، ويضيف: "كنا نبنيها ونحن نمضي في طريقنا، أي دون تخطيط مسبق".
وقد برزت مع ذلك مشاكل تتعلق بالحسابات، والجدل الضريبي مع الحكومة، وقضايا التزويد والتوزيع المتعددة، وقد أدرك تشيكوفيكز الذي كان يحتل موقع الإدارة التنفيذية أنه لا يعرف كيف يتعامل مع كافة هذه القضايا.
وكان عليه أن يعترف لنفسه أن الذكاء الطبيعي والتحايل على النظام يمكن أن يأخذه بعيداً. لذا قرر تشيكوفيكز أن يترك العمل اليومي في إدارة "جي تي تي" عام 1996 والعودة إلى الجامعة لدراسة ماجستير إدارة الأعمال في جامعة مينيسوتا، والتي كانت تقدم برنامجاً تعليمياً في وارسو في ذلك الوقت.
وبعد عامين من ذلك، استخدم ما ادخره من مال لإنشاء شركة استثمار خاصة، أطلق عليها اسم "أم سي آي كابيتال"، والتي أنشأها بغرض الاستثمار في شركات التكنولوجيا البولندية.
مدير صارم
وبالوصول إلى يومنا هذا، بلغت قيمة استثمارات "أم سي آي كابيتال" أكثر من 2.3 مليار زلوتي بولندي. وتوسعت إلى خارج بولندا لكي تستثمر في شركات في ألمانيا والنمسا والتشيك، وإسرائيل، وروسيا، وتركيا.
ومن الشركات التي لها أسهم فيها شركة السيارات الإسرائيلية جيت، والمزاد الالكتروني الألماني "أوكشناتا"، ومتجر البقالة البولندي الالكتروني فريسكو، وشركة آي زيتل السويدية المتخصصة في الدفع عن طريق الموبايل.
تشيكوفيكز، المدير التنفيذي لشركة "أم سي آي"، اكتتب شركته في سوق الأسهم البولندية عام 2001، لكنه احتفظ ب 53 في المئة من الأسهم لنفسه. وتقدر ثروته الشخصية بنحو 147مليون دولار، (100 مليون جنيه استرليني). ويعرف عنه حماسه للمشاركة في سباقات الماراثون، ومعروف كذلك بأنه مدير صارم في تحديد المهمات لموظفيه.
يقول أحد رجال الأعمال البولنديون الذي لم يرغب في الكشف عن هويته عن السيد تشيكوفيكز: "أحب هذا الرجل، ولا مانع من أشتري أسهماً في شركته، لكنني لا أقبل به أبداً أن يكون مسؤولي في العمل".
بينما آخرون يقولون إنه معروف بأنه لا يطيق الحمقى أو المتكاسلين عن تنفيذ العمل.
أما هو فيقول: "كل شخص في 'أم سي آي' يعرف ما هو المطلوب منه، وهو إما أن يقوم به أو لا يقوم به". وبينما تواصل أم سي آي تطورها، يقول إنه سعيد بشكل خاص بالاستثمار في شركات التكنولوجيا في بولندا وفي مناطق أخرى من العالم.
ويضيف: "الابتكار وروح التجارة تحتاج إلى الشجاعة، واستثماراتنا تساعد الاقتصاد البولندي، واقتصاد المنطقة على التحول في المستقبل إلى اقتصاد رقمي حقيقي".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق